‏السعودية- فلسفة الإمكان والاستحالة في عالم متغير

المؤلف: عبداللطيف آل الشيخ11.10.2025
‏السعودية- فلسفة الإمكان والاستحالة في عالم متغير

في خطابه المُلهم خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي انعقد مؤخرًا في العاصمة الرياض، صرح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، بالكلمات الآتية التي تستحق أن تُسجل في صفحات التاريخ:

«أقولها للتاريخ.. ‏المملكة العربية السعودية هي الدولة الفريدة التي شهدت تحولات وتطورات جمة في هذه الحقبة الزمنية الوجيزة.. #السعودية لا تعترف بوجود كلمة مستحيل في قاموسها».

سأتناول بإيجاز في هذا المقال طبيعة الممكن والمستحيل من منظور فلسفي وفكري عميق.

في رحاب الفلسفة وعوالم الميتافيزيقا، يظهر تساؤل عتيق حول جوهر الإمكان والاستحالة.

‏ هل من الوارد أن يتحول الممكن إلى درب من دروب المستحيل؟!

‏أو أن يصبح المستحيل حقيقة ممكنة؟ هذا التساؤل ليس مجرد تجريد فكري، بل هو غوص في أعماق استيعابنا لما قد يعجز العقل عن إدراكه.

‏الممكن، في عالم الفلسفة، هو كل ما يحتمل الوقوع أو العدم.

‏يتصل هذا المفهوم الوثيق بالحرية الإنسانية، والفرص المتاحة، والافتراضات المطروحة. ولكن، هل من سبيل للممكن أن ينقلب إلى مستحيل؟!

‏بوسعنا تدبر هذا السؤال من خلال استحضار الأحداث التاريخية؛ فعلى سبيل المثال، كان من الوارد أن تزدهر حضارة ما على سطح كوكب آخر، ولكن إذا لم يتحقق هذا الوجود الحضاري بالفعل، فإنه يصبح ضربًا من المستحيل بالنسبة لواقعنا الراهن.

‏في إطار هذا التصور، يتحول الممكن إلى مستحيل عندما يمضي الزمن ويصبح ماضيًا لا رجعة فيه ولا ניתן لتغييره.

‏أما المستحيل، فهو ذلك الذي يتجاوز حدود القدرة والإدراك.

‏ومع ذلك، يزخر تاريخ العلم والفلسفة بأمثلة جليلة تجسد تحول المستحيل إلى ممكن.

‏ لقد كان السفر إلى الفضاء ضربًا من الخيال، حتى أثبتت البشرية بجهودها عكس ذلك.

هنا، ندرك أن المستحيل قد يصبح ممكنًا بتغير المعطيات، أو بتوسيع آفاق الفهم والقدرات الإنسانية.

‏في هذا المضمار، يتلاقى الفكر الفلسفي مع المنهج العلمي بطرق تبعث على الدهشة والاستغراب.

‏ فالعلم يدفع باستمرار حدود الممكن إلى أبعد مدى، محولًا المستحيل إلى واقع ملموس من خلال الابتكار والتجربة والاكتشاف.

‏بينما تتساءل الفلسفة عن جوهر ومعنى هذه التحولات العميقة. فهل ثمة قيود حقيقية للممكن؟!

‏وهل يمكن للعقل البشري أن يتجاوز حدود المستحيل بمجرد التفكير والتأمل؟!

‏إن مقولة «استحالة الممكن وإمكانية المستحيل» لا تمثل مجرد مفارقة فلسفية، بل هي دعوة صريحة لاستكشاف آفاق الوجود والمعرفة.

‏تُظهر لنا هذه المقولة أن ما نعده ممكنًا أو مستحيلًا قد يكون مجرد نقطة عبور نحو اكتشافات جديدة ومدهشة.

‏يشجعنا هذا الفكر على تحدي المسلمات، وتجاوز الحدود، وإعادة تعريف جوهر الوعي والإبداع في عالم يعج بالاحتمالات اللانهائية.

‏وهكذا، يظل الحوار دائرًا بين الفلسفة والعلم، ليكشف لنا أن المستحيل قد يصبح ممكنًا، وأن الممكن قد ينقلب إلى مستحيل، تبعًا لتطورنا المستمر وتغير فهمنا للكون الفسيح.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة